الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.دخول الموصل في طاعة الأشرف وملكه سنجار. قد ذكرنا في دولة بني زنكي أن القاهر عز الدين مسعود صاحب الموصل توفي في ربيع سنة خمس عشرة وستمائة وولي ابنه نور الدين أرسلان شاه في كفالة مولى أبيه نور الدين لؤلؤ مولاه ومدبر دولته وكان أخوه عماد الدين زنكي في قلعة الصغد والسوس من أعمال الموصل بوصية أبيهما إليه وأنه بعد وفاة أخيه عز الدين طلب الأمر لنفسه وملك العمادية وظاهره مظفر الدين كوكبري صاحب إربل على شأنه فبعث نور الدين لؤلؤ إلى الأشرف موسى بن العادل والجزيرة كلها وخلاط وأعمالها في طاعته فأرسل إليه طاعته وكان على حلب مدافعا لكيكاوس صاحب بلاد الروم كما نذكره بعد فأجابه الأشرف بالقبول ووعده النصر على أعدائه وكتب إلى مظفر الدين يقبح عليه ما وقع من نكث العهد في اليمين التي كانت بينهم جميعا ويأمره بإعادة عماد الدين زنكي ما أخذه من بلاد الموصل وإلا فيسير بنفسه ويسترجعها ممن أخذها ويدعوه إلى ترك الفتنة والاشتغال معه بما هو فيه من جهاد الإفرنج فصمم مظفر الدين عن ندبته ووافقه صاحب ماردين وصاحب كيفا وآمد يجهز إلى الأشرف عسكرا إلى نصيبين للؤلؤ صاحب الموصل ثم جهز لؤلؤ العساكر إلى عماد الدين فهزموه ولحق بإربل عند المظفر جاءت الرسل من الخليفة الناصر والملك الأشرف فأصلحوا بينهما وتحالفا ثم وثب عماد الدين زنكي إلى قلعة كواشى فملكها وبعث لؤلؤ إلى الأشرف وهو على حلب يستنجده فعبر الفرات إلى حران واستمال مظفر الدين ملوك الأطراف وحملهم على طاعة كيكاوس والخطبة له وكان عدو الأشرف ومنازعا له في منبج كما نذكره وبعث أيضا إلى الأمراء الذين مع الأشرف واستمالهم فأجابه منهم أحمد بن علي المشطوب صاحب الفعلة مع الكامل على دمياط وعز الدين محمد بن نور الدين الحميدي وفارقوا الأشرف إلى دبيس تحت ماردين ليجتمعوا على منع الأشرف من العبور إلى الموصل ثم استمال الأشرف صاحب كيفا وآمد وأعطاه مدينة جانين وجبل الجودي ووعده بدارا إذا ملكها ولحق به صاحب كيفا وفارق أصحابه الملوك واقتدى به بعضهم في طاعة الأشرف والنزوع إليه فافترق ذلك الجمع وسار كل ملك إلى عمله وسار ابن المشطوب إلى إربل ومر بنصيبين فقاتله عساكرها وهزموه وافترق جمعه ومضى منهزما واجتاز بسنجار وبها فروخ شاه عمر بن زنكي بن مودود فبعث إليه عسكرا فجاؤا به أسيرا وكان في طاعة الأشرف فحبس له ابن المشطوب ثم رجاه فأطلقه وسار في جماعة من المفسدين إلى البقعاء من أعمال الموصل فاكتسحها وعاد إلى سنجار ثم سار ثانيا للإغارة على أعمال الموصل فأرصد له لؤلؤ عسكرا بتل أعفر من أعمال سنجار فلما مر بهم قاتلوه وصعد إلى تل أعفر منهزما وجاء لؤلؤ من الموصل فحاصره بها شهرا أو بعضه وملكها منتصف ربيع الآخر من سنة سبع عشرة وحبس ابن المشطوب بالموصل ثم بعث به إلى الأشرف فحبسه بحران إلى أن توفي في ربيع الآخر من سنة سبعة عشر ولما افترق جمع الملوك سار الأشرف من حران محاصرا لماردين ثم صالحه على أن يرد عليه رأس عين وكان الأشرف أقطعه له وعلى أن يأخذ منه ثلاثين ألف دينار وعلى أن يعطي صاحب كيفا وآمد قلعة المور من بلده ورجع الأشرف من دبيس إلى نصيبين يريد الموصل وكان عمر صاحب سنجار لما أخذ منه لؤلؤ تل أعفر تخاذل عنه أصحابه وساءت ظنونهم بنفسه لما ساء فعله في أخيه وغي غيره فاعتزم على الإلقاء باليد للأشرف وتسليم سنجار له والإعتياض عنها بالرقة وبعث رسله إليه بذلك فلحقوه في طريقه من دبيس إلى نصيبين فأجاب إلى ذلك وسلم إليه الرقة وسلم سنجار في مستهل جمادي الأولى سنة سبعة عشر وفارقها عمر فروخ شاه وإخوته بأهليهم وأموالهم وسار الأشرف من سنجار إلى الموصل فوصلها تاسع عشر جمادى الأولى من السنة وجاءته رسل الخليفة ومظفر الدين في الصلح ورد ما أخذه عماد الدين من قلاع الموصل إلى لؤلؤ ما عدا العمادية وطال الحديث في ذلك ورحل الأشرف يريد إربل ثم شفع عنده صاحب كيفا وغيره من بطانته وأنهوا إليه العساكر فأجاب إلى هذا الصلح وفسح في تسليم القلاع إلى مدة ضربوها وسار عماد الدين مع الأشرف حتى يتم تسليم الباقي ورحل الأشرف عن الموصل ثاني رمضان وبعث لؤلؤ نوابه إلى القلاع فامتنع جندها من تسليمها إليهم وانقضى الأجل واستمال عماد الدين زنكي شهاب الدين غازي أخا الأشرف فاستعطف له أخاه فأطلقه ورد عليه قلعة العقروسوس وسلم لؤلؤ قلعة تل أعفر كما كانت من أعمال سنجار والله تعالى أعلم.
|